مقدمة
هل تعلم أن الفرق بين “النهاية العظيمة” و”البداية المتواضعة” قد يكون مجرد إرادة تُشعل شمعة في ظلام اليأس؟
تخيل معي: رجلٌ بدأ حياته كراعٍ للغنم في أطراف الرياض، حيث الغبار يملأ الأفق، والهمم تبدو كالحصى المتناثر تحت أقدام الماشية… لكنه قرر ألّا يكون حبيس ظروفه. اليوم، تحوّل عبدالرحمن الجريسي إلى أيقونةٍ للنجاح في المملكة، ليس لأنه وُلد بملعقة ذهبية، بل لأنه فهم قواعد اللعبة مبكرًا: النجاح لا يحتاج إلى نقطة بداية لامعة، بل إلى بصيرة تُحوّل التراب إلى ذهب.
قصة الجريسي ليست مجرد سيرة ذاتية لرجل أعمال، بل هي خريطة طريق لكل من يظن أن أحلامه أكبر من واقعه. فكيف تحوّل الفشل إلى وقود، والقيود إلى سلالم؟ إليك الدروس الخمسة التي ستقلب مفاهيمك رأسًا على عقب.
الدرس 1: ابدأ من حيث أنت، بما تملك
“الرغبة في العمل أهم من رأس المال”
عندما كان الجريسي شابًّا، لم تكن جيوبه مليئة بالمال، لكن قلبه كان ممتلئًا بالطموح. بدأ موظفًا بسيطًا في إحدى الشركات، حيث كان يُنجز مهامه بتركيزٍ يشبه من ينحت مستقبله بحرفية. لم ينتظر فرصةً سحرية أو مستثمرًا خياليًّا، بل آمن أن الخطوة الأولى لا تحتاج إلى أجنحة، بل إلى إصرارٍ يجعلك تمشي رغم الثقل.
رسالة للقارئ:
لا تُهدر وقتك في انتظار “اللحظة المثالية”، فهي أسطورةٌ اخترعها الخائفون. ابحث عن ما بين يديك: مهارةٌ تمتلكها، علاقةٌ مفيدة، أو حتى فكرةٌ بسيطة… وابنِ عليها. تذكّر: السفن الكبيرة تبدأ رحلتها من ميناءٍ صغير.
الدرس 2: التواضع لا يتعارض مع الطموح
“النجاح الحقيقي لا يحتاج إلى ضجيج”
رغم مكانته المرموقة، اشتهر الجريسي بلُطفه في التعامل مع الجميع: من أصغر موظف إلى أكبر عميل. كان يستمع باهتمامٍ حتى للتفاصيل الصغيرة، ويُشارك في الاجتماعات دون أن يُعلن عن نفسه كـ”نجمٍ متألّق”. هذا التواضع لم يكن ضعفًا، بل ذكاءً عميقًا جعله يكتسب ولاء الفِرَق، وثقة الشركاء.
رسالة للقارئ:
الكِبر مثل حجرٍ يُثقل قدميك… يمنعك من الركض نحو أهدافك. كن كالنخلة: كلما ارتفعت، انحنت لتُعطي. لكن احذر: التواضع لا يعني التنازل عن أحلامك، بل يعني أن تصل إليها بدون أن تدوس على أحلام الآخرين.
الدرس 3: لا نجاح بدون قيم
“السمعة الجيدة لا تُشترى بالمال… تُبنى بالصدق”
في عالم الأعمال حيث المكائد المالية ليست نادرة، التزم الجريسي بمبادئه كخطّ أحمر. يُحكى أنه رفض صفقةً مربحةً ذات مرة لأنها تعارضت مع شفافيته. هذا الموقف جعله يفقد ربحًا سريعًا، لكنه ربح سمعةً لا تُقدَّر بثمن، حوّلت عملاءه إلى سفراء لعلامته التجارية.
رسالة للقارئ:
لا تستهن بقوة المبادئ، فهي ليست مجرد كلماتٍ نرددها في الخطابات. فكّر: ماذا سيبقى منك إذا انهار مشروعك؟ السمعة هي الإرث الوحيد الذي لا يُسرق.
الدرس 4: غيّر البيئة أو غيّر نفسك فيها
“الفرص لا تُعطى… تُصَنع”
عندما شعر الجريسي بأن وظيفته الروتينية تُقيّد طاقته، لم يشتكِ أو يستسلم. بدأ يدرس السوق بتمعّن، ويبحث عن ثغراتٍ يمكن أن تتحوّل إلى فرص. هكذا انتقل من كونه موظفًا إلى شريكٍ في مشاريع تجارية، ثم إلى رجل أعمالٍ يُشار إليه بالبنان.
رسالة للقارئ:
إذا كنت تشعر أنك عالقٌ في مكانٍ لا يناسبك، فلديك خياران: إمّا أن تُغيّر البيئة من حولك، أو تُغيّر طريقة تفكيرك فيها. الأسوأ أن تبقى ساكنًا وتلوم الظروف.
الدرس 5: ساعد غيرك في الصعود
“النجاح الذي لا يُشرِك الآخرين… شجرة بلا ظل”
بعد أن حقق الجريسي مكانته، لم ينغلق على نفسه. أسس برامج لدعم رواد الأعمال الشباب، وموّل مشاريع تعليمية في القرى النائية. كان يؤمن أن النجاح الحقيقي هو الذي يترك أثرًا يتجاوز الذات.
رسالة للقارئ:
لا تكن كالشمعة التي تحترق لتضيء لنفسها… كن كالشمس التي تمنح الضوء للكل. تذكّر: أعظم السعادة هي أن تكون جسرًا يعبر عليه الآخرون نحو أحلامهم.
الخاتمة
عبدالرحمن الجريسي لم يكن ساحرًا… كان مجرد إنسانٍ قرر ألّا يقف عند حدوده الأولى
قصة حياته تُلخّص حكمةً بسيطة: لا توجد “بداية صغيرة”، بل توجد إرادةٌ صغيرة تبحث عن أعذار. النجاح ليس حكرًا على من وُلدوا بملاعب جاهزة، بل هو حقٌّ لكل من يرفض أن يبقى أسيرًا لظروفه.
اليوم، وأنت تقرأ هذه السطور، قد تكون في مفترق طرق… تذكّر:
- الفرص تُخلق… لا تُنتظر.
- القيم تُبنى… لا تُشترى.
- النجاح يُشارَك… لا يُحتكر.
ابدأ من حيث أنت… وبكل ما تملك… وستكتب يومًا قصةً يُلهِم بها غيرك.
فالسؤال ليس: هل تمتلك ما يكفي؟
بل: هل تمتلك الشجاعة لتبدأ؟
روابط مفيدة:
السيرة الذاتية على ويكيبيديا:
كتاب “الجريسي: سيرة ومسيرة” – تأليف د. خالد الجريسي:
تحميل الكتاب بصيغة PDF – شبكة الألوكة
https://www.alukah.net/web/jeraisi/0/82393/
مقابلة مرئية:
برنامج “أيام في حياتهم” مع الأستاذ عبدالرحمن الجريسي – YouTube
مقال عن قصة نجاحه:
السعودي عبدالرحمن الجريسي.. من مساعد بائع إلى مؤسس كيانات اقتصادية – Arab Founders