7 أسرار لفن قراءة الآخرين: كيف تفهمهم دون أن ينطقوا بكلمة؟

7 أسرار لفن قراءة الآخرين: كيف تفهمهم دون أن ينطقوا بكلمة؟

 

Table of Contents

المقدمة.

يعد فن قراءة الناس وفهم عقولهم مهارة يمكن لأي شخص اكتسابها. هذه المهارات ليست مجرد حيل، بل هي أدوات يستخدمها الخبراء في مختلف المجالات. فهم الآخرين على مستوى أعمق يمكن أن يساعدك في التواصل معهم بشكل أكثر تأثيراً، وتجنب الوقوع في الخداع والتلاعب، بل وحتى التأثير على قراراتهم دون أن يشعروا بذلك. يهدف هذا الفن إلى التوصل إلى التوافق بينك وبين الآخرين. لا يوجد ترتيب معين لاستخدام أدوات قراءة الناس، بل يعتمد على الحدث والحالة التي تثير الشخصية.

إليك دليل لسبع نقاط أساسية في فن قراءة الآخرين دون أن يتكلموا.

 

قراءة لغة الجسد وتعابير الوجه: مهارة أساسية في فن قراءة الآخرين.

يكشف الناس عن أفكارهم ومشاعرهم دون وعي من خلال لغة الجسد. تُعد تعابير الوجه الدقيقة إشارات لا إرادية تستمر لأقل من ثانية، لكنها تفضح المشاعر الحقيقية قبل أن يخفيها الشخص بوجه متماسك. حدد عالم النفس بول إيكمان ست عواطف إنسانية عالمية مصحوبة دائمًا بتعابير وجه دقيقة جدًا: السعادة، الحزن، الاشمئزاز، الغضب، الخوف، والمفاجأة أو الصدمة.

 

السعادة: تظهر مع ارتفاع الخدود وزوايا الفم للأعلى، وشد الوجه للخلف، وظهور التجاعيد تحت العين وبين الشفة العليا والأنف.

الحزن: تظهر بزاوية عليا من العين تنزل مع زوايا الشفتين، وفي بعض الأحيان ترتعش الشفة السفلية، وقد يكون الحاجبان على شكل مثلث.

الاشمئزاز: ترتفع الشفة العليا، وتظهر تجاعيد في أعلى الوجه والجبهة، وتضيق العينان قليلاً.

الغضب: يتشنج الحاجب بقوة ويضيق، وتكون الشفاه متصلبة ومقفولة، وتظهر عضلات الفك، وتكون النظرة ثاقبة.

الخوف: يكون الفم مفتوحًا أو مقفولًا ولكنه مشدود، ويكون الجفنين العلوي والسفلي مرفوعين.

المفاجأة أو الصدمة: يرتفع الحاجبان ويرتعشان للأسفل لفتح العين باتساع. بالإضافة إلى الوجه، لغة الجسد بشكل عام تكشف الكثير. الشخص الذي يكذب غالبًا ما يعاني من تناقضات بين كلامه وتصرفاته، فقد يقول إنه مرتاح لكن يديه مشدودتان أو أصابعه تنقر، أو قدماه موجهة بعيداً. وجدت دراسة أن 81% من الأشخاص الذين يكذبون يظهرون تغيرات واضحة في لغة الجسد مثل لمس الوجه المتكرر أو تجنب التواصل البصري. لتطوير مهارات قراءة لغة الجسد، تحتاج إلى معرفة السلوك العادي للشخص، والبحث عن سلوك غير معتاد أو غير لائق، والبحث عن البيانات والأدلة، والانتباه للطاقة، وتذكر أن لغة الجسد مليئة بالحيوية ومتغيرة بشكل كبير، وتذكر أن السياق هو كل شيء.

 

الاستماع إلى نبرة الصوت وإيقاع الحديث: مفتاح خفي لإتقان فن قراءة الآخرين.

 يحمل الصوت دلائل قوية أيضًا. عندما يكذب شخص ما، قد يرتفع صوته بشكل غير طبيعي أو يصبح أكثر هدوءاً من المعتاد. التردد في الحديث قد يكون إشارة إلى أنه يحاول اختلاق قصة مقنعة. وجدت دراسة أن الكاذبين غالبًا ما يغيرون سرعة حديثهم بشكل ملحوظ أثناء الكذب مقارنة بنمطهم الطبيعي. مراقبة نبرة الصوت وإيقاع التنفس يمكن أن يكشف عن المشاعر والأفكار.

 

تحديد التناقضات وعدم الاتساق. 

من أهم الأشياء التي يجب ملاحظتها هو التناقض بين الكلمات وتعابير الوجه أو لغة الجسد بشكل عام. إذا قال شخص إنه سعيد لكن حاجبيه مرتفعان قليلاً وفمه مشدود، فقد يكون يشعر بالتوتر أو القلق وليس الفرح. التناقضات بين ما يقوله الشخص وما يفعله أو يظهره جسده يمكن أن تكون مفتاحًا لكشف الحقيقة. الأشخاص الذين يكذبون يواجهون صعوبة في الحفاظ على تسلسل الأحداث بشكل متسق. مراقبة التناقضات باستمرار يساعد في قراءة الناس.

 

فهم الدوافع الكامنة والاحتياجات: أساسيات فن قراءة الآخرين بعمق.

فهم دوافع البشر يساعدك في تقييم سلوكهم وتصرفاتهم. الإنسان بداخله شيء يحركه، شيء يؤثر على ذاته، قد يُسمى “الظل” كما يسميه كارل يونغ أو “الطفل الداخلي” كما يسميه بعض علماء النفس. تصرفات الإنسان بشكل عام تكون مدفوعة بحاجة من اثنين: الحصول على اللذة أو تجنب الألم. ولكن لا يمكن الحكم على الإنسان بمبدأ الألم واللذة فقط، فالإنسان يمتلك ضبط الذات ودوافع أخرى. هرم مازلو للاحتياجات هو إطار أساسي لفهم دوافع البشر، ويقسم الاحتياجات إلى مراحل:

 

الاحتياجات الفسيولوجية الأساسية: مثل الأكل والشرب والمأوى. هي الحاجات التي تساعد الإنسان على البقاء على قيد الحياة.

احتياجات الأمان: الحاجة إلى الاطمئنان واستمرارية وجود الأشياء الأساسية، وتأمين مصدر للدخل.

احتياجات الحب والانتماء: تتضمن علاقات الإنسان بأصدقائه والاختلاط الاجتماعي ليشعر أنه لم يفشل في حياته الاجتماعية.

احتياجات تقدير الذات: تتعلق بكيفية تأثير تفاعلاتك مع الآخرين على علاقتك بنفسك، وتتلخص في “قبول الذات” وبناء علاقات قوية وإنجازات تؤدي إلى احترام الناس لك وتقديرك لذاتك.

تحقيق الذات: أعلى مستوى في الهرم، وتكون فيه قادراً على العيش من أجل شيء أعلى من نفسك واحتياجاتك. فهم المرحلة التي يسعى إليها الشخص في هرم مازلو يساعد في فهم ما يحركه. دافع آخر مهم هو الدفاع عن “الأنا”. يمارس الإنسان آليات دفاع نفسية بشكل لا واعي:

الإنكار: اعتبار الشيء الحقيقي خاطئ.

التبرير: اختلاق الأعذار لتبرير أي شيء سلبي يحدث.

القمع: دفع فكرة أو شعور معين بعيدًا عن الوعي لنسيانه تدريجيًا.

الإسقاط: إسناد مشاعر سلبية غير مرغوب فيها للآخرين أو الأشياء، ولومهم على العيوب والأخطاء الشخصية. فهم هذه الآليات يساعد في تفسير بعض السلوكيات والمشاعر التي يظهرها الشخص. معرفة لماذا يكذب الشخص (حماية نفسه، تحقيق مكاسب، الخوف، تجنب الإحراج أو الصراع) مهم لتقييم الكذب.

 

التعرف على مؤشرات أنماط الشخصية: بوابة لفهم فن قراءة الآخرين بشكل أوسع.

 تقدم المصادر أطرًا لتصنيف الشخصيات تساعد على فهم ميول الناس وطرق تفاعلهم واتخاذ قراراتهم دون أن يعبروا عنها مباشرة. من هذه الأطر:

 

مؤشر MBTI: يقسم الشخصيات بناءً على أربعة انقسامات:

اجتماعي مقابل انطوائي: الاجتماعي عملي ويميل للنشاط الخارجي والتفاعل. الانطوائي يميل للتفكير الداخلي والتركيز على أفكاره ومشاعره.

استشعار مقابل حدس: المستشعر يدرك ما حوله عبر حواسه الخمس ويركز على الحقائق والتفاصيل الملموسة ويتخذ قرارات فورية بناءً على التجارب. الحدسي يصدق المعلومات التي تأتيه من الخارج عبر الأنماط والمعاني ويربط الأشياء ببعضها، قد يستغرق وقتاً أطول في المعالجة.

تفكير مقابل شعور (عاطفة): المفكر يتخذ قراراته بناءً على التفكير المنطقي والواقعي. العاطفي يتخذ قراراته بناءً على العواطف والقيم وتأثير القرار على الآخرين. التفكير هو اتخاذ القرار بالعقل، والعاطفة هي اتخاذ القرار بالقلب.

حكم مقابل إدراك: الحكم يفضل النظام والهيكل والسيطرة على البيئة ويتخذ قراراته بناءً على تجاربه السابقة. الإدراك يفضل المرونة والعفوية وترك الخيارات مفتوحة ويعتبر التنظيم مقيداً. معرفة ميول الشخص في هذه الأبعاد تساعد في توقع سلوكه وتفضيلاته في التواصل والتعامل.

طباع كيرسي: يقسم الناس لأربعة طباع: الوصي، الحرفي، المثالي، العقلاني. كل طبع له صفات مميزة ونقاط قوة. مثلاً الوصي واثق من نفسه، عملي، منظم، وممتاز في التنظيم والدعم. الحرفي حيوي، متكيف، يسعى للاثارة، ويخطط ويكتشف المشكلات ويحلها بسرعة. المثالي مجرد، عطوف، يبحث عن المعنى والهوية، يتعامل بدبلوماسية ويلهم الآخرين. العقلاني كفء، موضوعي، يسعى للتمكن، يسيطر على نفسه، ويضع استراتيجيات ناجحة ويستخدم المنطق.

الإنياجرام: يقسم الناس لتسعة أنواع. كل نوع له صفات وميول مميزة. فهم هذه التصنيفات يساعد في فهم شخصية الشخص وميوله دون أن يتكلم عنها بشكل مباشر.

 

مراقبة إشارات وسلوكيات محددة: تفاصيل صغيرة تصنع فارقًا في فن قراءة الآخرين.

حركة العينين: تشير نظرية قراءة التلميحات إلى أن الأفراد ينظرون باتجاه معين عند القيام بنشاط يتعلق بحاسة معينة (النظر، السمع، اللمس). يمكن ملاحظة حركة العينين أثناء حديث الشخص عن تجارب بصرية، سمعية، أو حركية لمعرفة أي نوع من التجارب يفضل.

اختيار الكلمات: الكلمات التي يستخدمها الناس تعبر عن شخصيتهم. الشخصية الاجتماعية تستخدم الضمائر الشخصية بكثرة. الشخصية العصبية تستخدم كلمات مشاعر سلبية وعبارات فيها إثارة شديدة عند الحديث عن شيء سلبي. الشخص المتوافق يميل لاستخدام الكلمات العاطفية الإيجابية. الشخص الذي يكذب يتحدث كثيراً ويستخدم كلمات أكثر منطقية ويقلل من استخدام الضمائر الشخصية ويحاول سرد قصة سهلة التتبع. الأشخاص الذين يستخدمون كلمات غير نمطية دون مبالغة يميلون للشعبية. الشخص الذي يستخدم كلمات غير ضرورية غالبًا ما يخاف أن يُقال عنه غير ذكي. يمكن ملاحظة المفردات التي يستخدمونها لفهم مرجعيتهم، وهل يقلدون لغتك أو يكررون عباراتك (قد يكون علامة على السعي للتوافق).

السلوك على الإنترنت: الناس أكثر عرضة لإظهار شخصيتهم الحقيقية على وسائل التواصل الاجتماعي. نوعية الصور المنشورة تعبر عن سمات الشخص؛ الصور التي فيها تعابير وجه محايدة قد تشير للانفتاح أو العصبية، بينما الصور التي فيها ابتسامات ومشاعر إيجابية قد تشير للتوافق والاجتماعية. توقيت إرسال الرسائل الإلكترونية (مثلاً ليلاً) قد يشير لكون الشخص “بومة ليلية”.

طريقة المصافحة: طريقة السلام يمكن أن تعبر عن الشخصية في مكان العمل. المصافحة بدون حماس قد تعني عدم احترام الذات أو عدم الاهتمام أو الالتزام. اليد المتعرقَة قد تشير للقلق. الميل والضغط على اليد قد يشير لمحاولة السيطرة على الموقف. كلما كانت المصافحة فيها انفتاح ودفء وراحة أكثر، دل ذلك على ميل الشخص للاجتماعية والتوافق.

 

الأخذ في الاعتبار السياق والثقافة والثقة بالحدس.

السياق والثقافة: نفس الإشارة يمكن أن تحمل معاني مختلفة تماماً في ثقافات مختلفة. تجنب التواصل البصري مثلاً علامة احترام في اليابان ودليل عدم ثقة في الولايات المتحدة. الانتباه للسياق الثقافي والاجتماعي ضروري لتجنب سوء الفهم.

الحدس: يجب الثقة بالشعور الداخلي والحدس. العقل اللاواعي للإنسان يمكن أن يلتقط بعض التفاصيل والبيانات التي لا يدركها العقل الواعي.

الشك الصحي: لا تصدق كل ما تراه أو تسمعه فوراً. ميل الناس لتصديق المعلومات التي تؤكد معتقداتهم السابقة حتى لو لم تكن صحيحة أمر شائع. عند سماع شيء يبدو صحيحاً، اسأل نفسك هل هناك دليل حقيقي يدعم هذا وهل يمكن التحقق من مصدر آخر. يتطلب كشف الخداع عدم الاعتماد فقط على الحدس بل التحقق من المعلومات. لا يوجد خداع بدون ثغرات.

 

في الختام، فن قراءة الناس هو مهارة تتطلب الملاحظة الدقيقة للغة الجسد وتعبيرات الوجه، والاستماع لنبرة الصوت وإيقاع الحديث، والبحث عن التناقضات، وفهم الدوافع والاحتياجات، واستخدام أطر تصنيف الشخصيات، ومراقبة الإشارات والسلوكيات المحددة مثل حركة العينين واختيار الكلمات والسلوك على الإنترنت وطرق المصافحة. تتكامل هذه المهارات مع الأخذ في الاعتبار السياق الثقافي والاجتماعي والثقة بالحدس، مع الحفاظ على الشك الصحي للتحقق من المعلومات. هذه الأدوات تمكنك من فهم الآخرين على مستوى أعمق حتى لو لم يعترفوا بما يفكرون به علناً.

 شاركني تجربتك أو رأيك في التعليقات — سأكون متحمسًا لقراءة قصتك!

 

Share the article

اترك أول تعليق